السبت، 5 مارس 2016

الزراعة في الفضاء ليست حلما


      قد يبدوا هذا الموضوع محض خيال علمي كما شاهدناه في الأفلام و المسلسلات. لكن تيقن بان القضية جدية، الزراعة في الفضاء ليست حلما فالعلماء يجرون عليها تجارب و دراسات منذ مدة ليست بالقصيرة.
     ففي15/11/2015، قام رائد فضاء تايواني على متن المحطة الفضائية الدولية بتفعيل نظامفيجايVEGGIE للزراعة في ظروف انعدام الجاذبية. يتمثل هذا التجهيز في لبنة يصل اليها الماء والعناصر المغذية عن طريق أنبوب و نظام إضاءة يتكون من ثلاث مصابيحLED حمراء ، خضراء و زرقاء. استعمل هذا النظام سابقا لزراعة الخس في الفضاء. لكن هذه المرة اﻷمر أكثر تعقيدا، حيث الهدف هو الوصول بنبات الزينية Zinnia الى مرحلة اﻹزهار. بعد شهر من تفعيل الجهاز أنبتت بعض البذور ونمت النباتات حتى صارت أطول منها على اﻷرض. و لقد توجـت التجربة بالنجاح حيث أزهرت بعض منها خلال شهر يناير 2016.

1- أهداف الزراعة في الفضاء :

  •  دراسة نمو النباتات و الطحالب في ظروف إنعدام الجاذبية و أحسن الظروف الملائمة لنموها.
  • المساهمة في تحسين الجو داخل المحطات الفضائية، عن طريق تنقية الهواء و امتصاصها لغاز الفحم و طرح الأكسجين والتحكم في نسبة الرطوبة.
  • تحسين الحالة النفسية لرواد الفضاء، خاصة خلال الرحلات الطويلة.
  • المساهة في إنتاج الغذاء على المحطات الفضائية في الرحلات الطويلة.
  • تدوير مياه الصرف و النفايات العضوية الناتجة داخل المحطات و القواعد الفضائية على القمر و كوكب المريخ.
  • تطوير التقنيات و التجهيزات اللازمة لزراعة النباتات في المحطات الفضائية ،المركبات الفضائية و على القمر و كوكب المريخ. و هذا تحضيرا للرحلات المأهولة المزمع ارسالها الى كوكب المريخ خلال النصف الأول من هذا القرن.

2- معوقات الزراعة في الفضاء:

من أهم معوقات الزراعة في الفضاء:
  • إنخفاض الجاذبية، خاصة في المركبات و المحطات الفضائية و على القمر.
  • التاثير الضار لمختلف أنواع الجزيئات (الرياح الشمسية) و الإشعاعات (الأشعة الشمسية بكل اطيافها واﻷشعة الكونية) المتواجدة في الفضاء، على القمر و الكواكب ذات الغلاف الجوي الرقيق و المجال المغناطيسي الضعيف.
  • نقص الإضاءة في الكواكب البعيدة من الشمس ( المريخ مثلا) مما يعيق عملية التمثيل الضوئي.
  • الضغط الجوي المنخفض ، نظرا لإنخفاض الضغط الجوي الخارجي فإن الضغط الجوي داخل الصوبات الزجاجية المخصصة للزراعة يجب أن يكون في الحدود الدنيا اللازمة لنمو النبات. و هذا لكي تكون هياكلها خفيفة و غير مكلفة.

3- تجارب الزراعة في الفضاء:

لقد تعددت التجارب الخاصة بدراسة تأثير ظروف الفضاء على النباتات، وهذا منذ بداية غزو الفضاء.أذكر منها ﻻ سبيل الحصر:
  • سنة 1971 ، أرسلت 500 بزرة لأشجار الصنوبريات في حول القمر مع رحلة أبولو 14.حيث زرعت بعد رجوعها الى اﻷرض.
  • سنة 1973 أطلقت الوﻻيات المتحدة المختبر الفضائي سكاي ﻻب. حيث تمت دراسة تأثير تغير الجاذبية و ظروف اﻹضاءة على نبات الرز.
  • سنة 1979 حمل القمر الصناعي السوفياتي كوسموس 1129” الخاص بالدراسات الحيوية بزور الجزر الى الفضاء بينما حملكوسموس 1667″ سنة 1985 بزور الذرى الصفراء.
  • 1985 تمكن رواد فضاء سوفيات و للمرة الأولى من إنبات نبات الارابيدوبسيس و إزهاره ثم الحصول على بزور.
  • تمت زراعة الخس اﻷحمر بنجاح بواسطة نظام فيجايVEGGIE، على متن محطة الفضاء الدولية.فلقد نمت النباتات و اعطت محصوﻻ”.
  • سنة 1997 ، تمكن رواد فضاء من إنبات بزور نباتات على متن محطة الفضاء السوفياتية ميرو جني بزورها.
  • 15/11/2015 كما ذكرت في أول المقال، تم إطلاق تجربة لزراعة نبتة زينية و لقد كللت التجرب بالنجاح و أزهرت النبتة منتصف يناير 2016.
  • في 15/12/2015، حمل رائد فضاء بريطاني كمية من بزور الجرجير من نوع (Eruca sativa) الى محطة الفضاء الدولية . حيث ستغرس بعد ارجاعها الى اﻷرض لدراسة تأثير إنعدام الجاذبية على حيوية البذور.

4- تجارب على اﻷرض:

بالإضافة الى التجارب التي تجرى على النباتات في الفضاء، فلقد أجريت عدت تجارب لزراعة بعض النباتات في ظروف مشابهة للفضاء أو كوكب المريخ. من أهمها:
  • تجربة بيوسفير2”: في صحراء اﻷريزونا اﻷمريكية . حيث تم بناية أواخر الثمانينات من القرن الماضي مخبرا عملاقا يتكون من صوبة كبيرة معزولة تماما عن الوسط اﻷرضي المحيط بها. تم في هذه المنشأة تجربة إمكانية العيش باستقلالية تامة في مكان مغلق. و لقد دامت أول تجربة سنتين كاملتين ، لكنها فشلت جزئيا بسبب انخفاض نسبة اﻷكسجين داخلها.
  • قامت وكالة الفضاء اﻷمريكية بتجربة إنبات بزور نباتية على تربة أحضرت من القمر خلال برنامج ابولو.
  • أوت 2014، نشرت مجلة بلوس وان(plos one) دراسة هولندية حيث تم مقارنة نمو نباتات مختلفة على تربتين مختلفتين.تشبه اﻷولى تربة المريخ و اﻷخرى تربة القمر . و لقد كانت النتيجة أن تربة المريخ أحسن للزراعة.
  • مشروع أمريكيبيروفي لزراعة البطاطس عل تربة تشبه في تركيبها تربة كوكب المريخ و في ظروف مناخية مشابهة لذاتها على المريخ.
  كما لا ننسى جائزة جوجل للقمر (Google Lunar X Prize) بقيمة 30 مليون دوﻻر و هي موجهة للشركات الخاصة و تتمثل في سباق لليتمكن من إنزال مركبة آلية صغيرة على سطح القمر . حيث يجب عليها أن تقطع مسافة 500 متر و ترسل الى اﻷرض صور و فيديوهات عالية الدقة عن سطح القمر. و تستغل هذه الرحلات أيضا لتجربة إنبات بعض بزور النباتات على سطح القمر.. للعلم فإن عدة شركات خاصة تشارك في هذا السباق.
    في الختام يمكن أن نقول بأن التحضير ﻹرسال بعثات مأهولة و دائمة للقمر و من ثم المريخ يسير بخطى ثابتة.
لمزيد من المعلومات :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق