الاثنين، 11 أبريل 2016

هل تعرف أول من ألف كتاب في الفلاحة؟

     عندما تسمع هذا السؤال سيتبادر الى ذهنك بعض الكتاب اﻷروربين من اليونانيين و الرومان القدماء . نعم لقد أمطرتنا كتب و مجﻻت اﻷوربيين و حتى مواقع اﻷنترنت بأن كل العلوم أسسها أوربيون. و الكذبة عندما يكثر المطبلون لها بكل الوسائل و بهتانا تحت غطاء البحث العلمي النزيه الذي لا يصمد أمام التحليل المنطقي.حتى إنطلت الكذبة على الكثير منا، خاصتا أننا نصدهم دون نتحقق من منطقية أقوالهم أولا. و هذا حسب رأيي لسببين إثنين:
  •  أولهما عقدة المغلوب كما سماها ابن خلدون (كل ما يأتي من عندهم حقيقة مطلقة لا تحتمل النقد و النقاش).
  •  ثانيا الكسل الفكري و عدم الإكتراث.
     هلا فكرت معي بعض الشيء، هل عجزت الشعوب و الحضارات اﻷخرى (بﻻد الرافدين، الصين ، الهند، مصر ، الجزيرة العربية، الشام، بلاد فارس، حضارات القارة اﻷمريكية، الشعوب الإفريقية و ، و…) أن تنتج علوما و تطورها و أغلب هذه الحضارات تكونت قبل الحضارات اﻷوروبية نفسها. هذا بإختصار ما يسمى بالمركزية اﻷوربية. و هذا طبعا يعتبر تزوير للحقائق التاريخية و هضما لحقوق الآخرين.
      لهذا فإن علم الفلاحة لم يسلم كمثله من العلوم من الإداعاءات الأوربية، فبعض المؤلفين الرومان و اليونانيين القدماء يدعون أن كتب الفلاحة التي لديهم من تأليفهم. لكن المتفحص لها يجد أنها مترجمة من مصدر واحد. بعد دراسة بعض النصوص القديمة نجد أن الرومان قاموا بترجمة كتاب الفلاحة القرطاجية الى لغتهم بعدما انتصروا على القرطاجيين في الحروب البونيقية و دمروا مدينة قرطاجنة بوحشية نادرة سنة 146 قبل الميلاد.حيث أوصوا جنودهم بتدمير المدينة و قتل كل من فيها كما أوصوههم بأن يعثروا على تلك الموسوعة و يعودوا بها الى روما.
     
    الفلاحة القرطاجية هذا من تأليف فلاح و مزارع فذ هو ماغون القرطاجني الذي عاش على الأرجح في القرن الرابع أو الثالث قبل الميلاد.. هذا الكتاب في الحقيقة هو عبارة عن موسوعة تقع في 28 مجلدا.تحدث ماغون في موسوعته عن كل شيئ يخص الفلاحة من شؤون تسيير المزارع حتى معرفة نوعية التربة و كيفية حراثتها و تحسينها.كما تطرق لمختلف المحاصيل الزراعية و كذا زراعة الأشجار المثمرة. كما لم ينسى تربية المواشي و العناية بها.
    
    يمكننا القول أن أجدادنا لم يدخروا جهدا في دراسة الوسط الذي عاشوا فيه. و لقد تركوا إرثا علميا و فكريا كبيرا ، يوجد مبعثر في كتب الأمم الأخرى . مرة مستولى عليه و مرة أخرى يشار اليه بإقتضاب. لهذا و جب علينا التشمير على سواعدنا للتنقيب عنه في الكتب و في التراب حتى نكرم ذكراهم و نوفيهم حقهم .


المصادر:
عمار الجلاصي ،2002- شذرات عن ماغون القرطاجني في علم الفلاحة ،140ص


 نشرت هذه التدوينة باﻹشتراك مع مدونة ماريسي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق