عند مشاهدة النقوش و الرسومات الصخرية القديمة
المتواجدة في مختلف مناطق الصحراء الكبرى ، أول ما يلفت انتباهك تنوع
الحيوانات المرسومة و تواجد حيوانات تعيش حاليا في مناطق رطبة. فيتبادر إلى ذهنك السؤال التالي: لماذا رسمت هذه الحيوانات على صخور هذه الصحراء القاحلة؟
(license) |
كثبان رملية بالصحراء
أعلم يا سيدي بأن البشر الذين خلفوا تلك الرسوم لم يكونوا أغبياء ، لقد رسموا الحيوانات التي كانت تقاسمهم البراري التي كانوا يعيشون فيها و يقتاتون منها. هذا ما يعطينا الدليل على أن الصحراء الكبرى لم تكن دوما أرضا قاحلة. بل على العكس من ذلك، لقد كانت في بعض المراحل من تاريخها جنات خضراء مليئة بالأنهار.
مع التقدم التقني الهائل الذي
عرفته البشرية خلال القرن العشرين و بداية القرن الواحد و العشرين، توفرت
للباحثين وسائل تقنية متطورة سمحت لهم بسبر مساحات واسعة من اليابس و أعماق
البحار و المحيطات و الكشف عن ما تخبؤه الكثبان الرملية المترامية و
السهول الصحراوية الشاسعة المغطاة بالحصى و الحجارة.
بدأ العلماء منذ حوالى خمسة عشر سنة بالشك في وجود نهر قديم ينطلق من غرب الصحراء الكبرى و يصب في المحيط الأطلسي ( سمي فيما بعد نهر تمنراست القديم ). من
الأدلة على وجود هذا النهر القديم الخندق العملاق المكتشف حديثا في المحيط
الأطلسي قبالة السواحل الموريتانية و الذي يبدأ عند الساحل و يمتد لمسافة
في المحيط، و بعد دراسة الطمي الموجود به تبين أنه ناتج عن مصب نهر كبير
لفترة طويلة. كما
أن صور الاستشعار عن بعد طريق الأقمار الصناعية التي مكنت العلماء من
دراسة الطبقات الجيولوجية المتواجدة حتى عدة أمتار تحت سطح الأرض ، سمحت
بالكشف عن تواجد شبكة هيدروغرافية عملاقة تمتد لأكثر من 500 كلم بعيدا داخل الصحراء. و ما أكد هذه الشكوك هي تقابل مصب هذه الشبكة مع الخندق العملاق المذكور سابقا.
بعد دراسة جميع المعطيات المتوفرة،
إقترح العلماء وجود نهر عملاق قديم كان يمتد من جبال الهقار شرقا في إتجاه
الغرب على مسار واد تمنراست الحالي. ثم يلتقي برافد آخر ينطلق من السفوح الجنوبية للأطلس الصحراوي ليشكلا نهر عملاق يصب في المحيط الأطلسي.
إن الهدف من هذه الدراسة ليس
فقط معرفة التاريخ المناخي للمنطقة الغربية من الصحراء الكبرى بل معرفة
أماكن تواجد الخزانات المائية الكبرى في المنطقة.
المراجع:
photo credit: Dune via photopin (license)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق