الاثنين، 9 مايو 2016

بكتيريا تحلل البلاستيك

         مع تطور الحضارة البشرية و تمركز البشر أكثر و أكثر في المدن، زادت إحتياجاتهم المختلفة، منها الضرورية حتما و منها الكمالية و الجنونية أيضا. لقد تحولت مجتمعاتنا الى قطعان تقودها الشركات الرأسمالية عبر حملاتها الإشهارية المدروسة و المسعورة الى المزيد من الإستهلاك. لكي تبيع أكثر و أكثر و في الأخير الذي يهمها طبعا هو رقم أعمالها و الأموال الطائلة التي تجنيها من العملية . حتى تحول الإنسان من الإنسان العاقل الى الإنسان المستهلك الذي يدمر الطبيعة و يستنزف مواردها ثم يلقي بعد ذلك بجبال من فضلاته و مخلفاته المختلفة في الطبيعة.

     في أول الأمر ضن الإنسان أن الطبيعة تستطيع التكفل بتنظيف مزبلته و تدوير مخلفات جنونه. لكن مع الوقت تراكمت النفايات و جرفتها مياه السيول و الانهار الى البحار و المحيطات فصرنا نسمع عن دراسات تجرى على تجمعات النفايات الطافية في شمالي المحيط الأطلسي و المحيط الهادي. حتى تكلم البعض عن ضهور قارات جديدة من البلاستيك العائم في مياه هذه المحيطات 
 
لماذا البلاستيك بالذات ؟
البلاستيك بكل بساطة، رخيص و سهل التصنيع و التشكيل, وهذا ما جعله يغزوا حياتنا و ينتشر في كل مكان رغم أضراره الصحية. حيث ينتج منه سنويا حوالي 220 مليون طن.
لكن ماذا بعد؟ هنا تكمن المشكلة فالبلاستيك ثابت كيميائيا، بعبارة أخرى لا يتحلل بسهولة. فبعد الإستعمال يرمى البلاستيك في القمامة و في الطبيعة،و سيبقى هناك لعشراة السنين و ربما لقرون حتى يتحلل و يختفي، و قبل أن يتحلل تكون أطنان و أطنان أخرى قد تراكمت عليه !
ما هو الحــل ؟
       من أجل إيجاد حل لهذه المعضلة، تقوم عدة فرق علمية حول العالم بالبحث عن طرق للتخلص من ملايين الاطنان من البلاستيك المستعمل، قد تقول لماذا لا يحرق بالنار و نتخلص من هذا الكابوس؟ لكن أعلم بأن الدخان الناتج عن حرق كل هذه الكمية من البلاستيك سيسمم الغلاف الجوي للأرض.

البكتيريا المعجزة
       لكن هناك  أمل، فلقد أكتشف باحثون يابانيون نوع من البكتريا يستطيع التغذي على البلاستيك، أي بكتيريا تستطيع تحليله. تسمى هذه الكتيريا Ideonella sakaiensis لا تتعجب لهذا الإسم الشاعري الجميل فكل المخلوقات الحية تحمل أسماء ثنائية باللغة الاتينية و هذا منذ القرن السابع عشر.
       المهم ، كيف تم الإكتشاف ؟ لقد ذهب فريق البحث من جامعة الفنون و التقنية بمدينة كيوتو اليابانالى مكب لمعلاجة النفايات البلاستيكية و أخذوا 250 عينة من أماكن مختلفة. الهدف من الدراسه هو التعرف على مخلوقات مجهرية تستطيع العيش على البلاستيك. بعد دراسة متأنية تم عزل هذه البكتيريا العجيبة و دراسة طريقتها في تحليل البلاستيك و التغذي عليه.
      تقوم هذه البكتيريا بالعملية على مرحلتين، حيث تلتصق أولا بالبلاستيك و تفرز إنزيممحفز (بروتين) يقوم بتكسير سلاسل الكربون الطويلة التي يتكون منها البلاستيك الى سلاسل قصيرة. ثم تقوم في المرحلة الثانية بإفراز إنزيممحفز آخر يقوم بتحويل هذه السلاسل الكربونية القصيرة الى مواد قابلة للإستهلاك من طرف البكتيريا.
     بعدعزل البكتيريا و التعرف عليها ، يتم حاليا دراسة خريطتها الوراثية لتحديد المورثات المتحكمة في العملية. و قد تنقل هذه المورثات الى بكتيريا أو كائنات أخرى لإستعمالها في معالجة النفايات البلاستيكية.

مراجع:

نشرت هذه التدوينة بالإشتراك مع مدونة ماريسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق